السبت، 26 سبتمبر 2009

مزامير الخمر البحرية



أكاديوس 
أنصت لهدير الروح
في جسد اليمامة
أشم خطواتها المتعثرة
أتبع رائحة شهيقها الخائن
أتفرس في ما يخبئ زغب صدرها
من نهادٍ وحُلَمٍ عَبِقَة
بلادُ الشرق ..
تغرق في فنجان شهوة
تقرأ الفقاعات الحمراء
وصيتها الواحدة
بعد الألف
أنا جرح سماءٍ يهوي فيكِ
أيا خمرية العينين
والعنبُ ارتماء في الكؤوس
والقبلات مطر
تربع الدجال وسط الساحة
فرش مصحفه
قاطعت أحجارهُ البيضاءُ السوداءَ
وألقى النردَ
على مقربةٍ
من سورة الرعدِ
فاحتوش النساء
واختفت البحيرتان
في قارورة من عسل
ومن اضطهاد
يا سيدة الحوريات الخمرية
يا وردية الشفتين
يا دجل الحقيقة الخالدة
حين يضاجع الحلم القمر
وينجبان سلم النجوم
حين نادتني الصلاة
جمعت كل حروف اسمك
اعتليت أسطح القلق
ونثرتها في وجه الرب
فطارت كل شياطينه صوب الغيب
وأمطرت السماء نبوءاتها
التي تبشر الكون بولادة حورية
خلقت من خمر السحاب
 وفضة القمر
وحنين البريق
أنا يا قاتلتي
حريق الجهات الأربعة
وخاتم الملحدين
وصانع الأجساد
وموحد الكفرة
حين التحفتُ بكِ...
والتحفتِ بي
تجشأت الشموس نبالها
وانشق صدرك للقمر
وصاح المنادي من وراء الأكمة
يا عُبّاد النار
أيها الآبقين
هلموا
هذا هو صدر الدين
وخاتم النبيين
ومنزل الحليب
رازق الصغار
ملاذ الكبار
وجامع المطر
أنا يا ملهمتي منك اهتديت
وافترشت الأغنيات
ملعباً حين اجتباني حسنك المعجون بالدموع
حينها سالت على أوردتي مراكب الشموع
ثم اكتتبت إنني حبيبك الملعون
ثم اعترفت أنني عاشقك المجنون
قاريء الغيب على مسلة الجحيم
سارق النجوم من عيونك اللئيمة
وحارس الشفق
أنا الذي أرسلني الرب صوب المدن الحمراء
كي أضاجع زرقة الغيوم فيها
وأنشر العري على كامل فخذيها
وأبتدئ سلالة الطوفان
أيتها الملقاة فوقي كجريمة
كحنين الفم للقبلة
كالبنان إذ يكور الحلمة
اللا تعرف التدوير
فترتفع مثل منارات بحار إسكندرية
تحضن السفائن التغرق في شواطيء الأريج
هذا خليجي اذ يناديني
ألبي أنت لبيك فلبيك أيا مرتشفي الخليج
أدور حول حوضك الفسيح
كالمسيح
حول دولة الرومان
ينثرْ قصصَ الغفران
ثم يصلب في اشتهاء وظليمة
ظل الرب أوقدنا على ظهر المساء
مصحفاً مرملاً
ودولة وحشية تبحث عنا
في متاهات العنابر
أثراً بعد أثر
تنشرنا في الصحف الرسمية مطلوبين
بداعي الشبق المحرم
اليسيل منه العسل الموؤود
والجنود يقرأون خلفنا ما صنعوا
من سورة كالقارعة
التي خلقنا من بنيها وعينا الموهوم
ملأناه بطعم الفاجعة
هانت الأرجاء فالأصفاد ريش
والمواويل كشعر السحرة
والقرابين حبيبات من الرز لشمس زانية
اسقيني على مقربة من عنب
حتى يراني وطني قبل المغيب
هاتي الدفوف إنه طوطمك المعمد
الدمـــاء
والأسماء
والخرائب
مقود السفينة العرجاء نحو الهاوية
ونحن من فوقك ننساب قلائد
يس
يص
يس سير وإني في الأثر
يا ظل غول فوقه عش غراب
مل من أشلائنا الغاوية الرعناء
مراراً
ثم تكراراً
عوى ثم اندثر
ياصديقي إنني محض فرات
ارتقى الصيف
فأرداه الشتاء
نحن والليل بنينا كوخنا البعيد
في زاوية منفرجة
كل عمود في رباها نخلة مشبوهة السعف
تسمى الغاوية
يا جسداً صال وجال في يدي
يعتق اليدين مني
وإلي ينتمي ثم يموت
في يديه يحتويني
يعتريني
فأموت
ممسكاً بالياسمين الثوب
والمسلة النافورة التدفق احتلام
فوق رقعة الشطرنج تبني للقلاع
فسحة من هدنة حمراء
أو زرقاء
لا فرق فللحب فرص
 يا شريكي في عصابات القروش الأربعة
احملني اليك ببساط من حلم
واحتمل شوقي
وتوقي
والشبق
إنني بائع كحل تائب من السفر
يا صديقي
هدني الشوق فأيّانَ المفر
قصصي تعرفها منذ نزلت العالم الغريب
كلماتي لك فيها كلها
ثم إليك مولد الميلاد
والأعياد نساء يتسكعن على نهرٍ عتيق كافرٍ
يزرعْـنه من أنجمٍ ومن درر
إني أحبكَ
ياصديق السهرِ العذبِ اللذيذ
فالتمس عذري ودعني أحترق

Image and video hosting by TinyPic

الأحد، 20 سبتمبر 2009

الرحيلُ الأخيرُ لبيّاعِ الكُحْل



أكاديوس

لشدَّ ما أحبَّ صنعته
بياعاً للكحل
ولشدَّ ما كـَرِهَ ما تَحمله
من ألامِ الرحيل المتكرر
وخذلان الفراق
كان يمرُّ على العيون الذابلة
فيكحلها بالحلم
ويترك عندها حقيبة سفره
وبعض أجنحته
ويختفي بين الظلال المتحركة
في شوارع المدينة
المزدحمة بالجثث
والضياع
وغبار الأمنيات
كان يخشى أن يقع في المحظور
ولطالما حذرته أمه الجنية
من سحر العيون
وما تحمله الشفاه الممتلئة
بأوثان التوت البري
وما تلد الأثداء العشتارية
من عسلٍ ملعونٍ
كان يحشر القطن في أنفه
حتى لا يشم البارفان المهلك
الذي يتطاير من شعر الحسناوات
ويرتدي عدسات ضبابية
كي لا يبصر الأجساد النابضة
بالشهوة
ويلبس خاتم سليمان في الوسطى
كي لا يحل طلسماً واحداً
من مدنها المكتوبة
بالحبر الجيني المتورد
اليلهم الشبق المختنق
حروفه الشيطانية
كذا كان يخفي ثعبانه
بين طيات ثيابه الصوفية
مشدوداً بحبائل الصلاة القشية
المتينة
كي لا ينقض على عش أو بيض
أو يتعلق في ثوبٍ غجريٍ عابر
خطوطٌ حمراءُ كثيرة
تملأ حياته المترعة ..
باللوعة
وقناني الحرمان
الفارغة
تترامى على جنبات طريقه
المشتتة الأفكار
التتناثر عليها علامات الاستفهام
وعكازات المخاوف
كان يسترق النظر للحب
كأنه كائن خرافي محرم عليه
تنين يطارده في كل أنفاق المقابر
التي يجتازها بين العوالم
يرمي كراته الملتهبة
فيحيل نواياه بمسك الأرض
إلى وهم بعيد
لكن
وهو يجتاز البرزخ
اليفصل بين البين والبين
تعثر خياله بفكرة مجنونة
فهوى وسط المحيط
حيث مملكة الحورية البحرية
التي تؤمن بالبريق
وبكائنات ما بعد الحب
وما قبل الطفولة
كانت لها أسرارها العجيبة
أصدافها التزين الغروب بالغرق
وتسكر الخمور في حانة حمراء
بالمطر
إعترف قالت
فما كان هناك من أيائل تعبر القزح
وماكان هناك من شموس تضع الكحل
إذا مات بنوها في الشفق
مالحياة غير صحوة للموت
وما كل الخيول تشرب الرخام
في بوابة القمر
وما كل البحور للسبات
وما كل المرايا للنظر
وما كل نساء الأرض للفتنة
وما كل الرجال للشبق
يا أيها اليموت
بين لحظة العشق ...
وبيني
يا ثملاً بالماء والحنينِ
يا القدر اليمشي إلي ملحداً
بالرب
وبالزنزانة الباردة الجرداء
بالسارية الزرقاء
بالوطن المباح تحت خنجر السماء
بالثكالى ترتقي عنابر الجنون
بالأرامل اليقرأن سورة الشيطان
عند كعبة الجسد
هاك طوق الشوك
أسيراً في يديك
كي نمارس لعبة الحقيقة
ماذا تريد من بلادي الأدمنت لون الغرق
من فراشاتي التي أحرقها السواد
من كتاباتي التي ينقشها السرير
فوق خصري المشدود
وشماً من سكاكين
بكل غفوة حزينة
أنا يا راعي الأحلام
بامتياز
سيدة الدموع
والخـد تلتي الصماء التي
تعاقر الأحزان
والجراح
...........البقية لديها

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

تقاسيمُ حمّالةِ العِنبْ


أكاديوس
معرقلٌ ذاك الإزار
فمالكَ لا تفارقه
رمياً في عجالة لفتةٍ
أو في انسياب مقلقٍ
بفم اللثام
فذرى انتصاب الصَّدر
لا ترضَ الحجاب
مطر كثيف
ثم صمتٌ مطبقٌ
ثم ينسكب النبيذ
على ارتطام
لا تخنقي الأزرار
فالباب موصد
والصياد غاب
والريح أرهقها العويل
فنامت في العراء
والياسمين كفَّرَ عن خطاه
وألحد في البكاء
وأنا أتمتم بعض أسفاري الغريبة
عند شق الصدر
واللَّمس ارتعاش
أرقد فبيتك بين مكة والصفا
واللات والعزى
كبالونين للَّـبن المعاق
المجانين بَنوك السابحين
في رجع البراق
كفرٌ تلون في عباءة قاتلة
حز اللثام فمات في القدمين
حيضَ توسلٍ
وعلى المآذن إفتتان
واستدارت
واستدار
مثل جنبذة تصلي
أو كإعصار
يحيل الجان
ريشاً في معارج طاووسٍ
من الحرمان
"فلامنغيٌّ" ذلك العرس
رقص وموسيقى سليطة
وارتفع الستار
فهل لك حاجة عندي أيا رب المجوس
أقضيها وإن تكُ حمّالتين
للتفاح
المهجن والحليب
مات امرؤ القيس على بردية
مشبعة بالدمع
والليل حصان هارب
من عشبة الخلود
والمرارة
لا تبخس النجوم أسرار صباها
فالزنازين على مقربة
من وحيك الملعون
والسياف أعور
قد لا يرى دمعتك المترعة الكفين باللؤلؤ
لكن سيرى وريدك الشريان
أيادي الموت تمتد إلى حنينك المشدود
للجذع ولليمامة
سالت خطاياك
على قميصك المنهدل الراعف
واقتربت من سلم القيامة
والنهر تابوت فراتي
تمطى للنحيب
ذي سلالات من الجينوم
تحتك ببيضة
ذي المرايا ترقب القبض
على ناصية العرش
وتخشى الصاعقة
آمنت بالأسماك
فأين الشبك اليضاجع الصياد
والموج معاً
فيشرق الصليل
هذا حصان الشبق القطبي
يستعدي الصهيل
لا ترتجف
فالحلم إله هارب من ليلة حمراء
ضيع المفتاح والسلسلة الزرقاء
ونام في الشرك
ذي نسوة في الباب تنتظر الزبد
حورية البحر ....
أما كانت لديكِ قبلةٌ أخيرة
للحارس المسجون
بباب الدير
لا تبتئس يا أيها الحوذي
فالرب بلا نعل
وأنت تكتب الأثر
والسراب لامس الحقيقة الجرداء
فانزوى النرجس
خجلاناً من الحروف
والصرير
ولتسأل الأنثى التي تمارس الجنس
على ساريةٍ من الألم
عن ما يخبيء ذلك
العاشق المنفرد
المنفلت الشهوة
من بيضٍ
ومن فتن
تظللها زغاريد العصافير
الغاوية الرعناء
ويحك لا تبني هناك جداولك
لا ترهق المطر المعتق بالبريق
ولا تسافر في شرايين القزح
لا تكتب الأشعار
فالشعراء ماتوا في حريق نسائهم
وتسلل السحت الى أفواههم
وانتحرت كل المرايا
واسودت الأقمار
ولي في ظلال الغيب أنثى
من قدر
ومن معاصٍ سومرية
ولدت مع انشقاق القلب للعنب الحرام
للقمر المحاق
فقدست الشياطين الترائوا للسحر
متهالك
وفيك بصيرة من عنفوان
فبأي آلاء ذا الجسد العظيم
تضاجعان

الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

عينيّ حلُم


أكاديوس
قالت:
عيناك وحيدتان
مغسولتان بالدموع يا حبيبي
سأنتظرهما في بيتنا البعيد ...
ماتنتظر يا أيها السهد
أما تبني لها غواية من عطر
قيثار قديم حالمٍ
وحلَّةً من سُدُمٍ ومن خميلة
تلك التي تداعب القلب على صليبه
المدور المزدان باللهفة المشدود
كالقرطِ إلى الجديلة
عيناك قد غسلت بأدمع النجوم
تلونت بلوعة الكروم
للخمر وللقمر
أما ترين أنني أموت كل لحظة
كي أكتب انتظار
كي تعبر الخيول فوق أضلعي
في حفلة انحدار
قالت:
عيناك وحيدتان
مغسولتان
مبعوثتان إلى دولتنا في آخر المحيط
نجمتان
غريبتان
دون أخوة وأصدقاء
تمضي كما الأيائل التموت
في معابر الأنهار
قرابيناً لهجرة
للطيف يحتوي خطاها
في آخر المطاف
كما الأيتام في شوارع الميلاد
كما السكارى
وسط زنازين الخليفة
عيناي ياحبيبتي
تبكي زمان العشق في الأندلس
وتنتظر تحت سماكي
قطرتي ندى
ودمعة لربة الليل الحزينة
الحلم سكين قديم
حزَّني حد النخاع
لا تقترب يا أيها السجان من رؤياي
فقد مات الإله
تسربت أوراقه نحو المغارة
تساقطت ثيابه البيضاء
في الخريف
فأخلف الميعاد
والقيامة
سيدتي الحسناء
والماء نذير بالدم
المراق فوق القصص المنسية
التمارس السحاق
عند الشارع الخمسين
في ناصية الوحدة
حيث تنمو كل أوراق
الضياع الخاملة
لا تجعليني أكتب النهاية
الطائشة الحزينة
أنا أمد أحرفي اليك
شديها على خصرك
وارمي شعرك الملعون
فوق مذبحي
ثم ارقصي
وعانقيني واغطسي
في حضني اللاهث
نحو لمسة الحنين
لا تتركيني أرتمي وسط الخسارة
فجيدك الناصع مازال عليه اسمي
ورسمي
ووشمي
حول السرة القاتلة
العطشى
وقالت
مالك اليوم تراقب بيضتي
ما لعينيك تحدق في الشبق
أما كان لدينا موعد
في بيتنا الصغير
فوق السروة اللعوب
يا أيها الطيب
ياليلي
وميلي
وانحناءاتي
وحولــي
واحتدامي في الشموس
وانفلاقي في القمر
لا تستر المرآة فالشمع
يغطيني
والجو كحمام قديم
من بخار أحمر
يأكل جدران السرير
ويستعدي المطر
وقالت
ثم قالت
ثم مالت
لتذيب قبلة في فمي الراعش
ورتلت
عيناك كحلمتيَّ
مغسولتان بالدموع يا حبيبي
سأنتظرهما في بيتنا البعيد ...


الجمعة، 4 سبتمبر 2009

قبعةٌ على مشارفِ بغدادَ * أنثىً على مشارفِ الغرقِ


أكاديوس
ترفع الشمس قبعة
عمياء لها
على مشارف بغداد
لترسم ظلَّ سيّافٍ
من سلالة الرب القديمة
يكتب مصحفاً رملياً
في جسد أنثى
على مشارف الغرق
تعاويذُ الشمع
ترحلُ صوبَ الجنوب
تحملها فليناتٌ بيضاء
بلا أسماء
كأجساد المنحورين
على خارطة الوطن الخرساء
اللّا تقرأُ إلا لغةَ الموتى
حكاياً قالها الأنبياء
في زمن المزابل
حجج تعفنت
فوق طور الجرذان
حيلٌ لاكتها نعال العابرين
إلى إيماننا
قميصك يا أبي مازال مفتوحا
لكل سكاكين العقيدة
لكل خيول الردة التدوس صدر الجرح
في طريقها للوحي
النائم في المستنقع
مات الشيخ وهو يعدد
أسماء الغِلمان
المُلاط بهم
مات على آخر جمل أجرب
يمضي نحو الري
وفوق التل نعيق
لإمامٍ أسود
مثل الخبز المحروق
برائحة الخيل المجلودة
وفساتين بنات الليل
نموت منشورين
على حبائل القيامة
والإله لم يزل منخرطاً
في نومة القمامة
إني وطن لم ينتشي يوماً
من نخله السامق العملاق
شقق شفتيه نباح المؤذن
فوق برج العقرب
مزق أذنيه ..
صراخ بكارات إناث النهر
ظل هلال السلطان
يمزق ظهري طول الشهر
سأسجد للشيطان
لكي يمنحني قربة خمر
ومواويل على أرصفة الحب
وشعراً دون خيوط الثوب
وخبزاً حلالاً كالكفر
ونساءاً تعرف كيف تنام
الغجر ... الغجر
تمرُّ عناكبهم فوق دماغي
ترقص حتى الفجر
فأصحو حين تنام وتستمني
لأعد حيامنها النجمية
أشد حيازيم الغربة
وأخرج أبحث عن أهلي
في سوق النخاسين
فلا أجد سوى أرقام تذاكرهم
وقطرات الوداع
akaduoss@yahoo.com